الجسم الزجاجي في العين: وظيفته وأعراض انفصاله وعلاقته بالشبكية

العين -تلك الجوهرة الصغيرة- تحمل بداخلها نظامًا دقيقًا يعمل بلا توقف ليمنحنا مشهدًا لكل ما حولنا، ومن بين أبطال هذا النظام، يأتي الجسم الزجاجي في العين، هذا السائل الشفاف الذي يحمي الشبكية ويُثبتها في مكانها، لذا عند حدوث أي خلل فيه قد يؤدي إلى سلسلة من المضاعفات التي تهدد الرؤية. ولك أن تتخيل وقتها كيف تصبح حياتك برؤية غير واضحة! كيف ستتمكن من قراءة الوجوه أو الاستمتاع بجمال الطبيعة؟

في السطور القادمة، سنكشف لك مكونات الجسم الزجاجي في العين، وسنتعرف على وظيفته، وأسباب انفصاله، وسنوضح أيضًا أبرز الأمراض التي تصيبه.

نُبذة عن الجسم الزجاجي في العين

الجسم الزجاجي في العين هو مادة شفافة هلامية تملأ المسافة بين العدسة والشبكية، وتشكل نحو 80% من حجم كرة العين.

ممَّ يتكون؟

يتكون الجسم الزجاجي في العين من الماء بنسبة تصل إلى 98% – 99%، إضافة إلى نسبة قليلة من ألياف الكولاجين وحمض الهيالورونيك الذي يمنحه قوامه الجيلاتيني، ولا يحتوي الجسم الزجاجي على أوعية دموية أو خلايا تجددية، ما يجعله عرضة لبعض التغيرات مع التقدم في العمر أو عند الإصابة ببعض الأمراض.

ما وظيفة الجسم الزجاجي في العين؟

يلعب الجسم الزجاجي دوراً هاماً في دعم بنية العين وأدائها لوظائفها، ويظهر ذلك في الوظائف التالية:

• يثبت الشبكية في مكانها من خلال تسببه في ضغط خفيف يساعد على استقرارها.
• يسمح للعين بامتصاص الصدمات، ويحد من تأثيرها على الأجزاء الداخلية للعين.
• يحافظ على الشكل الكروي للعين، ما يساعد على مرور الضوء دون تشتت إلى الشبكية ومن ثم تكون الصورة بصورة واضحة.
• يُنظم توزيع الأكسجين داخل العين، فلابد من وجود الأكسجين بتركيز عالي بالقرب من الشبكية وتركيز أقل بالقرب من العدسة، ما يحد من الإجهاد ويحافظ على صحة العدسة والشبكية.

العلاقة بين الجسم الزجاجي والشبكية

تُعد العلاقة بين الجسم الزجاجي والشبكية علاقة تشريحية ووظيفية، فالجسم الزجاجي يلتصق بالشبكية، ويضغط بلطف عليها ليثبتها. ولكن مع تقدم العمر أو نتيجة بعض الأمراض، قد ينفصل الجسم الزجاجي تدريجياً عن الشبكية،وتختلف الأضرار الناتجة عن ذلك حسب درجة الانفصال، ففي حالات الانفصال الشديدة، قد يسبب تغيرات خطيرة على الشبكية، وأشهرها تمزقها أو الانفصال الجزئي.

نستنتج من حديثنا السابق أنه عند حدوث أي خلل في الجسم الزجاجي، فلا بد أن يحدث خلل في بعض هذه الوظائف أو جميعها، وتبدأ أعراض مرض الجسم الزجاجي في الظهور.

ما هو مرض الجسم الزجاجي في العين؟

مرض الجسم الزجاجي يشير إلى خلل يصيب المادة الهلامية الشفافة التي تملأ الجزء الخلفي من العين، ويؤثر في تركيبها ووظيفتها، فقد تتغير كثافة هذه المادة أو تنفصل عن الشبكية، ما يجعلها عاجزة عن تثبيت الشبكية وتمرير الضوء بسلاسة في داخل العين.

قد تكون هذه التغيرات طبيعية مع التقدم في العمر أو نتيجة التعرض لإصابة ما في العين، وفي معظم الحالات تستدعي التدخل الطبي للحفاظ على الرؤية ومنع المضاعفات، وتشمل أمراض الجسم الزجاجي في العين ما يلي:

انفصال الجسم الزجاجي الخلفي (Posterior Vitreous Detachment)

يحدث عندما يتقلص حجم الجسم الزجاجي مع التقدم في العمر، ما يؤدي إلى انفصاله عن الشبكية، ونتيجة لذلك تظهر خطوط عائمة في مجال الرؤية وومضات ضوئية.

نزيف الجسم الزجاجي (Vitreous Hemorrhage)

يحدث نزيف داخل الجسم الزجاجي نتيجة الإصابة ببعض الأمراض مثل تمزق الشبكية أو اعتلال الشبكية السكري أو إصابات العين، ما يؤدي إلى رؤية ضبابية أو فقدان مفاجئ للرؤية.

التهاب الجسم الزجاجي (Vitreous Inflammation)

يحدث التهاب الجسم الزجاجي نتيجة عدوى أو أمراض مناعية، ويسبب رؤية ضبابية وألماً في العين.

التنكس الزجاجي (Vitreous Degeneration)

مع التقدم في العمر، قد يتغير قوام الجسم الزجاجي ويصبح أكثر سيولة، ما قد يؤدي إلى انفصاله عن الشبكية وظهور أعراض مثل الخطوط العائمة في مجال الرؤية والومضات الضوئية.

الشد الزجاجي البقعي (Vitreomacular Traction)

يحدث الشد الزجاجي عندما يلتصق الجسم الزجاجي بصورة غير طبيعية بالبقعة -وهي الجزء المركزي المسئول عن الرؤية في الشبكية-، ما يسبب اضطرابات وتشوه في الرؤية.

ونظرًا إلى أن انفصال الجسم الزجاجي عن الشبكية هو أكثر أمراضه شيوعًا، دعونا نتناول فيما يلي كافة التفاصيل عن أسبابه وأعراضه.

ما هي أسباب انفصال الجسم الزجاجي؟

تتعدد أسباب انفصال الجسم الزجاجي في العين عن الشبكية، وترتبط غالبًا بتغيرات طبيعية أو مرضية في بنية العين، ومن أبرز هذه الأسباب:

• التقدم في العمر، وهو السبب الأكثر شيوعًا إذ يفقد الجسم الزجاجي لزوجته ويتقلص حجمه تدريجيًا.
• قصر النظر الشديد، وما يسببه من حدوث تغيرات مبكرة في الجسم الزجاجي.
• الإصابات المباشرة في العين، مثل الكدمات أو الحوادث.
• جراحات العين السابقة، خاصةً عمليات المياه البيضاء.
• التهابات العين الداخلية، التي قد تؤثر في استقرار الجسم الزجاجي.
• أمراض الشبكية، ومنها اعتلال الشبكية السكري الذي قد يضعف من ارتباط الجسم الزجاجي والشبكية.

• علاج الشبكية بالليزر، ففي بعض الحالات قد يسهم في زيادة احتمالية انفصال الشبكية.

تعرف علي :علاج انفصال الجسم الزجاجي

أعراض انفصال الجسم الزجاجي الأولية

عندما يتقلص حجم الجسم الزجاجي يعاني المريض من الأعراض الآتية:

• رؤية أجسام عائمة (Floaters)

وتظهر على شكل نقاط أو خيوط سوداء في مجال الرؤية تتحرك مع حركة العين، وتحدث بسبب تجمع ألياف الكولاجين في الجسم الزجاجي.

• ومضات ضوئية (Flashes)

تظهر فجأة في صورة ومضات قصيرة في مجال الرؤية تشبه الأضواء المنبعثة من الكاميرا، نتيجة شد الجسم الزجاجي.

• الإحساس بظل بسيط أو ضبابية

يشعر الشخص حينها بضبابية في جزء من الرؤية، خاصةً في الإضاءة القوية.

أعراض انفصال الجسم الزجاجي المتقدمة

في بعض الحالات، يزيد حجم التلف الواقع في الجسم الزجاجي مع مرور الوقت، فيُسبب خللاً في وظيفته أو في الشبكية مباشرةً، ويظهر ذلك متمثلًا في الأعراض الآتية:

• زيادة مفاجئة وكثيفة في الأجسام العائمة.
• ومضات ضوئية شديدة ومتكررة.
• ظهور ستارة مظلمة في مجال الرؤية، وتُعد من أخطر أعراض انفصال الجسم الزجاجي، إذ تدل على تمزق الشبكية.
• انخفاض مفاجئ في حدة البصر يصاحبه ألم شديد في العين.

قد تظهر هذه الأعراض تدريجيًا أو تتفاقم بصورة مفاجئة وسريعة في المراحل المتقدمة من المرض، وفي كلتا الحالتين يجب عدم تجاهلها وطلب التقييم الطبي العاجل لتفادي أي مضاعفات محتملة.

وانطلاقًا من حديثنا عن إصابات الجسم الزجاجي في العين، ذكرنا سابقًا أنها لا ترتبط بالتقدم في العمر فقط، وهذا يعني أنها تظهر في كافة المراحل العمرية وحتى في الأطفال.

ما الفرق بين الجسم الزجاجي في العين لدى الأطفال والكبار؟

تختلف إصابات الجسم الزجاجي في العين وأسبابها بين الأطفال والكبار، نظراً لاختلاف بنية العين في كل مرحلة عمرية.

في حالة الأطفال

في مرحلة الطفولة، يكون الجسم الزجاجي أكثر تماسكاً وشفافية، ما يحدّ من احتمالية حدوث انفصال أو إصابات خطيرة به، ولكن في بعض الحالات قد يتعرض الأطفال لمشكلات في الجسم الزجاجي نتيجة الآتي:

• إصابات العين المباشرة، والتي قد تسبب نزيفًا في الجسم الزجاجي أو تمزقًا في الشبكية.
• الأمراض الوراثية في بعض الحالات النادرة مثل الانفصال الزجاجي الخلقي، والذي يؤثر في بنية الجسم الزجاجي منذ الولادة.

في حالة الكبار

مع التقدم في العمر، يبدأ الجسم الزجاجي في فقدان تماسكه ويتحول إلى قوام أكثر سيولة، ما يزيد من احتمالية انفصاله عن الشبكية. لذلك من الضروري الخضوع إلى فحوصات دورية للعين، خاصةً بعد سن الخمسين، للكشف المبكر عن أي تغيرات في الجسم الزجاجي أو الشبكية والوقاية من أي تغيرات مفاجئة في حدة البصر.

ولعل ذكرنا أن التقدم في العمر من الأسباب القوية لإصابات الجسم الزجاجي، أثار عدة تساؤلات في أذهانكم عن دور الأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة في تعجيل الإصابة. فهل حقًا توجد علاقة بينهما؟

ما تأثير الأمراض المزمنة على الجسم الزجاجي في العين؟

قد تؤثر الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بالسلب في الجسم الزجاجي والعين بشكل عام، إذ تتدهور صحة الأوعية الدموية في العين نتيجة هذه الأمراض، دعونا نناقش العلاقة بينهما فيما يلي:

ارتفاع ضغط الدم

عند ارتفاع ضغط الدم، تفقد الأوعية الدموية في العين مرونتها وتضيق، ما يقلل من تدفق الدم إلى العين وقد تنفجر بصورة مفاجئة، ما ينتج عنه نزيف الجسم الزجاجي في العين.

مرض السكري

عند ارتفاع مستويات السكر في الدم، يحدث اعتلال الشبكية السكري -وهو خلل ناتج عن تلف الأوعية الدموية بالشبكية، وينتج عنه نزيف الجسم الزجاجي أو انفصاله، ما قد يؤدي إلى مشكلات في الرؤية.

أمراض القلب والأوعية الدموية

تؤثر أمراض القلب والأوعية الدموية في تدفق الدم داخل العين، ما يسبب نقص الأكسجين والغذاء الواصل إلى أنسجتها ، ومن ثم حدوث مشكلات في الجسم الزجاجي.

ارتفاع الكوليسترول

ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم قد يسبب تراكم الدهون في الأوعية الدموية الدقيقة، ولا سيما تلك الموجودة في العين، ما ينتج عنه تضيق في الأوعية الدموية في العين، ونقص تدفق الدم إلى الشبكية والجسم الزجاجي، ما يزيد من احتمالية حدوث نزيف داخل الجسم الزجاجي.

ما هي أعراض نزيف الجسم الزجاجي؟

رغم أن الجسم الزجاجي لا يحتوي على أوعية دموية، قد يتعرض للنزيف نتيجة تسرب الدم من الأوعية الدموية القريبة منه، خاصةً تلك الموجودة في الشبكية، مسببًا ظهور أعراض مزعجة تختلف حدتها وفقًا لكمية النزيف وسرعته، ومن أهمها:

• ظهور بقع داكنة أو خيوط دموية فجأة في مجال الرؤية.
• تشوش أو ضبابية الرؤية، خاصةً عند محاولة التركيز على الأشياء القريبة أو البعيدة.
• صعوبة قراءة الحروف الصغيرة أو تمييز الوجوه.
• انخفاض مفاجئ في حدة النظر، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى فقدان الرؤية تمامًا في العين المصابة.

عند ظهور أي من هذه الأعراض لا بد من طلب التدخل الطبي السريع، فقد يكون ذلك مؤشرًا لحدوث مضاعفات أكثر خطورة داخل العين.

بهذه الكلمات ينتهي محتوى مقالنا حول الجسم الزجاجي في العين. إذا لاحظت أي تغيّرات في رؤيتك أو كنت بحاجة إلى فحص دقيق لصحة العين، فلا تتردد في التواصل مع الدكتور أحمد فايز-استشاري جراحات العيون المتقدمة والشبكية والليزر- للإجابة على جميع أسئلتك واستفساراتك، وذلك عبر الأرقام الموضحة على الموقع الإلكتروني.